مصطفي أحمد مقلد
مقدمة:
أصبحت الخطابات والتحرُّكات حول «تايوان» أكثر عدوانيةً، فالصين تتهم الولايات المتحدة باستخدام «تايوان» لاحتوائها؛ وفي الوقت نفسه، وسَّعت القوات المسلحة الصينية من مناوراتها حول «تايوان»، وفي بحر الصين الجنوبي؛ للضغط على «تايوان»، وكرسالة ردْع للولايات المتحدة، في وقتٍ يبدو أن الولايات المتحدة تنحاز إلى «تايوان» علنًا، وتبتعد عن “غموضها الإستراتيجي” حول ما إذا كانت ستتدخل في نزاعٍ أم لا؟
القيادة الصينية لا تبدو مستعدةً للانحراف عن هدف ضمِّ «تايوان»، وحتى وقتٍ قريبٍ، كان الاعتقاد السائد، أن التكامل التدريجي لـ«تايوان» من خلال الروابط الاقتصادية، سيكون المسار الأكثر احتمالًا، الذي ستحاول من خلاله الحكومة الصينية ضمّ «تايوان»، لكن الغزو الروسي غير المتوقع لأوكرانيا، عزَّز المخاوف من تصعيدٍ عسكريٍّ.
في المقابل، فإنه في بداية الشهر الجاري، وافقت الولايات المتحدة على صفقة أسلحةٍ جديدةٍ إلى «تايوان»، ومن المرجح، أن تُزيد مبيعات الأسلحة من توتُّر العلاقات بين «واشنطن، وبكين»، التي طالبت بوقْف مثل هذه الصفقات، معتبرةً إيَّاها دعْمًا غير مُبرَّرٍ لـ«تايوان»، وهي جزيرة تدَّعي الصين أنها جزء من أراضيها.
المشهد الحالي:
توسع «بكين» إنفاقها العسكري هذا العام، بنسبة 7.2٪، فتمَّ الإعلان في افتتاح الاجتماع السنوي للمجلس الوطني لـ«نواب الشعب» الصيني، أن الميزانية العسكرية لهذا العام، ستصل إلى حوالي 225 مليار دولار أمريكي، وسط تصاعُد التوتُّرات مع الولايات المتحدة في منطقة المحيطيْن «الهندي، والهادئ» و«تايوان»، في المقابل، وافق «الكونجرس الأمريكي» على زيادةٍ بنسبة 8٪ في ميزانية الدفاع لتصل إلى 858 مليار دولار أمريكي.
وتظل «تايوان» إحدى نقاط التوتُّر الرئيسية بين «بكين، وواشنطن»، مع استمرار الأخيرة، في تقديم الدعم ومبيعات الأسلحة للجزيرة التي تتعهد الصين “بإعادة توحيدها”، فمنذ عام 2019، وافقت الولايات المتحدة على أكثر من 20 مليار دولار أمريكي من مبيعات الطائرات العسكرية والأسلحة إلى «تايوان»؛ من أجل بناء قوة ردْعٍ قويةٍ ضد التهديدات من الصين، وعلى هذا المسار، اختتم “جو بايدن” عام 2022، بالتوقيع على مشروع قانونٍ للإنفاق الدفاعي، بما يصل إلى 10 مليارات دولار، كمساعدةٍ لـ«تايوان».
«تايوان» مهمة للولايات المتحدة، لأنها تُهيْمن على إنتاج أشباه الموصلات الأكثر تقدُّمًا في العالم، فهي موطنٌ لـ 92٪ من إنتاج أشباه الموصلات الأكثر تقدُّمًا في العالم، وبالتأكيد سيُهدِّد ذلك الأمن القومي الأمريكي، إذا سيطرت الصين على المصانع التايوانية في هذا الشأن، فالعديد من أنظمة الأسلحة الأمريكية، وطائرات «F-35»، والرادارات، وقدرات الدفاع الصاروخي المتقدمة، تعتمد على هذه الرقائق.
في عدة مناسباتٍ في الأشهر الأخيرة، أصبح «بايدن» صريحًا بشكلٍ متزايدٍ، قائلًا: إن الولايات المتحدة ستتدخل إذا شنَّت الصين هجومًا غير مُبرَّرٍ؛ ما يُمثِّل تراجُعًا عن العقيدة الأمريكية التقليدية “الغموض الإستراتيجي” بهذا الشأن، وذلك في وقتٍ، يبْرُز فيه إجماعٌ من الحزبيْن الأمريكييْن على اعتبار الصين تهديدًا سريعًا، «اقتصاديًّا، وتكنولوجيًّا، ودبلوماسيًّا وعسكريًّا”؛ ما أنتج سلسلةً من الإجراءات التي اتخذتها إدارة «بايدن» و«الكونجرس»؛ تهدف إلى دعْم «تايوان»، والضغط على الصين.
تحرُّكات أمريكية:
صادقت «واشنطن» على صفقةٍ بمئات الصواريخ لـ«تايوان»، تبلغ قيمتها 619 مليون دولار، وتهدف لتعزيز دفاع «تايبيه» الجوي، ورأت الخارجية الأمريكية، أن “دعْم الولايات المتحدة لـ«تايوان» والتدابير التي اتخذها هذا البلد؛ لتعزيز قدراته في الدفاع عن نفسه، تُسْهِمُ في الحفاظ على الاستقرار في مضيق «تايوان» والمنطقة.
كذلك تكثّف «واشنطن» وجودها بالمحيط الهادئ، وتعقد اتفاقات من شأنها السماح لقوات «المارينز» الأمريكية المتمركزة باليابان، بإطلاق صواريخ مضادة للسفن، فضْلًا عن حصول الجيش الأمريكي على قدرة مُوسَّعةٍ للوصول إلى القواعد في الفلبين، وأعطى ذلك انطباعًا، أن الولايات المتحدة ستساعد في حماية جزيرة «تايوان» الديمقراطية، ذاتية الحكم، حال وقوع هجوم صيني مباشر.
الخطاب الصيني:
تفاقمت التوتُّرات في مضيق «تايوان»؛ بسبب سلسلةٍ من الأحداث؛ حيث أدَّت زيارة رئيس «مجلس النواب» الأمريكي السابقة، نانسي بيلوسي، في أغسطس 2022، إلى «تايوان» إلى تدريبات عسكريةٍ صينيةٍ في المضيق، وإلغاء “الحوارات العسكرية” وقنوات التعاون مع الولايات المتحدة.
لا تزال الصين تنتهج خطابًا يدعو للاتحاد بشكلٍ سلميٍّ، غير أنها لم تُخْفِ استعدادها للحرب؛ لضمِّ «تايوان»، فقال رئيس وزراء الصين “لي كه تشيانغ”، في 5 مارس الجاري: إنه يتعين على الحكومة، تعزيز التنمية السلمية للعلاقات مع «تايوان»، وعملية “إعادة التوحيد السلمي” للصين، وكذلك اتخاذ خطوات حازمة لمعارضة استقلال «تايوان».
كذلك زادت «بكين» من نشاطها العسكري، بالقرب من الجزيرة على مدى السنوات الثلاث الماضية؛ ردًّا على ما تصفه بـ”التواطؤ” بين «تايبيه، وواشنطن» الداعم الدولي الأوَّل، ومُورِّد الأسلحة الرئيس لـ«تايوان»، كما أرسلت إشارات عديدة حول نواياها تجاه «تايوان»، فخلال مؤتمر الحزب الشيوعي، لعام 2022، أشار الرئيس الصيني إلى أن «تايوان» في قلب “تجديد شباب” الصين، وأن إعادة التوحيد السلمي مفضلةٌ، لكن الصين “لا تتخلى عن استخدام القوة”.
وعليه؛ يتزايد احتمال استخدام الصين للقوة العسكرية؛ لـ “إعادة توحيد” تايوان، ويرى مراقبون، أن الحكومة الصينية يمكن أن تستخدم العمل العسكري؛ لصرف انتباه سكانها عن المشاكل في الداخل، بعد أن انخفض النمو الاقتصادي الصيني إلى ثاني أدنى مستوى له، منذ عقودٍ، في عام 2022.
أهمية «تايوان» الإستراتيجية:
الموقع الجغرافي لـ«تايوان» – من “مضيق تايوان وقناة باشي” الممريْن البحرييْن الرئيسييْن، اللذين يربطان شمال شرق آسيا بجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط – يشكّل أهميةً خاصةً لحلفاء «واشنطن»، مثل اليابان، التي تعتبر «تايوان» مهمةً لأمن حدودها الجنوبية، كذلك الفلبين فيما يتعلق بحدودها الشمالية، فكلّ دول المنطقة تقريبًا تسيطر عليها المخاوف والهواجس؛ عقب تنامِي وتزايد نفوذ الصين.
وتسعى «واشنطن» لاحتواء التمدُّد الصيني، الآخذ بالاتساع في بحر الصين وجنوب المحيط الهادئ؛ حيث تدور خلافات على ملكية العديد من الجُزُر الصغيرة، التي تريدها «بكين» موطئ قَدَمٍ؛ لتمدُّدِها البحري، فيما تعتبره منطقة نفوذها، وللخروج منه إلى أعالي البحار والمناطق الأبعد مسافة؛ لذا تعمل «واشنطن» على دفْع «بكين» للداخل نحو اليابسة؛ لمواجهة محاولة مدِّ هيمنتها البحرية هناك، وبذلك تعتبر «تايوان» خط المواجهة الأمريكية الأوَّل ضد الصين، وبالون تجربة لمُجْمل التنافُس بين «الولايات المتحدة، والصين».
قراءة قانونية:
يمكن القول: إن “الغموض الإستراتيجي”، تلك السياسة التي انتهجها الغرب تجاه ملف «تايوان» لمدة نصف قرن أو أكثر، تستند إلى غُمُوضٍ آخرَ، يتمثل في موقف «تايوان» في القانون الدولي، فمن الناحية القانونية، «تايوان» ليست دولة، على الرغم من أنها تفِي بالعديد من المعايير القانونية للدولة، من خلال «وجود سكان، وإقليم محدد، وحكومة مستقلة وفعَّالة»، لكن المعيار الرابع، وهو القدرة على الدخول في علاقات قانونية مع الدول الأخرى، غير متوفر؛ لأن معظم الدول الأخرى، لا تقبل أن تتمتع «تايوان» بالحقوق القانونية للدولة.
وبالتالي، تشمل الحقوق التي تفتقر إليها «تايوان» التمثيل الدبلوماسي الكامل، والقدرة على الدخول في معاهدات متعددة الأطراف، وعضوية المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، كذلك لا يمكن للكيان أن يكون دولةً، إذا كان الكيان نفسه لا يدَّعي أنه دولة، و«تايوان» لا تدَّعي أنها دولة.
قانونيًّا.. هناك حُجج تدعم رواية «تايوان جزءٌ من الصين»:
حيث اتفقت كُلٌّ من «جمهورية الصين الشعبية، وجمهورية الصين الوطنية “تايوان”»، على أن «تايوان» جزء من “صين واحدة” (لكن هناك تنازعًا على الحكم الشرعي عليها)، ولا يزال دستور جمهورية الصين، ينص على ذلك، كذلك لم تطالب أيّ دولةٍ أجنبيةٍ (بما في ذلك اليابان “المستعمر القديم لتايوان”) بأيِّ حقوق في «تايوان»؛ ما ينفي أيَّ منافسةٍ مع الصين للسيطرة على «تايوان».
عهدت القوى المتحالفة والأمم المتحدة بـ«تايوان» إلى حكومة الصين آنذاك، بعد الحرب العالمية الثانية، كما أن الأمم المتحدة لم تعتبر «تايوان» أرضًا مستعمرةً، بعد عام، بالإضافة إلى أن قِلَّةً من الدول (بما في ذلك الغرب) تُنْكر صراحةً أن «تايوان» جزء من الصين، ووافق معظمها على المطالبة الإقليمية الصينية.
“قمْع التمرُّد” هو أساس مطالبة الصين بحقِّها في استعادة «تايوان» بالقوة، فعادةً ما يكون للحكومات الحق بموجب القانون الدولي، في قمْع التمرُّد في أراضيها، في ضوْء ذلك، لا يمكن اعتبار السلوك الصيني عدوانيًا، كما يُصوَّر غالبًا في الغرب، ولكن باعتباره إنفاذًا قانونيًّا لحقوقها.
وفقًا لوجهة النظر هذه، فإن «تايوان» جزءٌ من الصين، وليس للدول الأخرى أيّ حقٍّ قانونيٍّ بالتدخُّل فيما هو شأن داخلي، وليس لـ«تايوان» الحق في الدفاع عن نفسها ضد جهود الصين؛ لاستعادة النظام في أراضيها، وستنتهك الدول الأخرى، القانون الدولي من خلال مساعدة «تايوان» على المقاومة.
علاوةً على ما سبق، فإنه لا يوجد حقٌّ بموجب القانون الدولي لحماية الكيانات غير الحكومية؛ لمجرد “الدفاع عن الديمقراطية”، أو “الدفاع عن الحرية”، ولا يُوجد حقٌّ للتدخُّل في النزاعات الإقليمية الأجنبية؛ لاحتواء الخصم، أو لأسباب «جيوستراتيجية» أُخرى.
في مواجهة هذا الرأي عدة حُججٍ قوية:
- فيجب تسوية مثل هذه الخلافات الفريدة بالطُّرُق السلمية وليس بالقوة، وتتمتع «تايوان» بحق الدفاع عن النفس، بحكم الأمر الواقع، ولم يدعم «مجلس الأمن» الحُجج الصينية، فيمكن القول: إن السلام هو قيمة أعلى من الحقوق الإقليمية الرسمية في هذه الحالة.
- وتشير حجة قانونية أكثر معاصرة إلى أنه حتى لو كانت «تايوان» جُزْءًا من الصين قانونًا، فإن لشعبها – الآن- حقًا جديدًا، في ممارسة تقرير المصير “العلاجي”، وينتج هذا الحق من استقلالهم الفعلي عن البر الرئيسي لأكثر من 70 عامًا، ورغبتهم الواضحة في أن يُحْكَمُوا بشكلٍ مُنْفَصِلٍ، وهويتهم المميزة، وذلك يُمثِّلُ توسُّعًا مثيرًا للجدل، من الناحية القانونية لتقرير المصير، والذي طبق تاريخيًّا بشكلٍ أساسيٍّ على المستعمرات، القانون ليس دائمًا عادلًا.
وفقًا لوجهة النظر الأخيرة، سيكون التايوانيون أحرارًا في اختيار شكلٍ من أشكال التوافق مع الصين، بما في ذلك الوضع الراهن، أو الحكم الذاتي داخل الصين، أو الاستقلال الكامل، على الرغم من أن الصين قد ترفض كل ذلك على الأرجح.
لذا قد يكسب الغموض الإستراتيجي مزيدًا من الوقت للسلام، ولكنه يُهدِّد أيضًا بتعريض السلام للخطر على المدى الطويل.
سيناريوهات:
يمكن تصوُّر عدة سيناريوهات، فإما أن تشتعل حرب ويتكرر سيناريو أوكرانيا، وغالبًا هذا لن يُفْلِحَ؛ لاختلاف الطبيعة الجغرافية والديموغرافية بين «تايوان، وأوكرانيا»، وعدم مقدرة الأولى على الصمود، كما الحال في الثانية؛ ما يعني نجاح الصين في ضمٍّ «تايوان»، وسيكون لذلك تأثير مُدمِّر على مصداقية الولايات المتحدة في العالم، بغضِّ النظر عن تدخُّلِها لحماية «تايبيه» من عدمه.
أما السيناريو الثاني، فستحاول «واشنطن» الدفاع عن «تايوان» في محاولةٍ منها للدفاع عن حضورها وتحالفاتها العالمية، ولتعزيز ثقة شركائها بها، لكن مثل هذا التدخُّل، سيُشكِّل معارك ضارية مع الجيش الصيني على الأرض.
هناك سيناريو آخر، وهو استمرار الحال كما هو، بمعنى استمرار إجراء الصين مناورات عسكرية، كرسالة تأكيد على جدِّيَّة خطاباتها حول «تايوان»، لكن دون انجرار الدولتيْن للحرب، خاصةً في ضوْء صعوبات اقتصادية تواجهها الدولتان، مع استمرار الاتصالات والمشاورات الإقليمية؛ لتهدئة حدة التوتُّر، وحتى استمرار المحادثات بين «الصين، والولايات المتحدة»، ويدعم ذلك فرْض الولايات المتحدة حواجز على تصدير تكنولوجيا الرقائق للصين، والعمل على ضخِّ مزيدٍ من الاستثمارات في هذا المجال على أرض الولايات المتحدة؛ ما يُقلِّلُ من هواجس الولايات المتحدة بشأن هيْمنة الصين على تلك الصناعة.
وفي تقدير «ماثيو كانسيان»، من “الكلية الحربية البحرية”، وهو معهد أبحاث تابع للبحرية الأمريكية، فإن المتغيرات الحاسمة ستُحدِّد درجة نجاح الهجوم، مثل مدى استعداد «تايوان» لصدِّ الهجوم، وأيضًا من خلال السماح أو عدمه، من قِبَلِ اليابان للولايات المتحدة بشنِّ هجمات مضادة من قواعدها على الأراضي اليابانية، واعتبر «كانسيان»، أنه من دون ذلك “لن يكون التدخُّل الأمريكي كافيًا للحفاظ على استقلالية تايوان”.
حجم التأثيرات:
- تعطُّلٌ للنشاط الاقتصادي العالمي؛ جرَّاء توقُّف تجارة «تايوان» مع العالم، لا سيما في أشباه الموصلات، وما يترتب على ذلك من اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، خاصةً في القطاعات الرئيسية المستهلكة للرقائق، مثل «الإلكترونيات، والسيارات، والحوسبة»، كما ستنخفض التجارة العالمية مع الصين؛ بسبب الانكماش في تمويل التجارة العالمية؛ ما يصدم الاقتصاد العالمي، ويحتمل أن يؤدي إلى أزمات ديون بين شركاء الصين التجاريين الأكثر هشاشة.
- سيواجه الاقتصاد العالمي تأثيراتٍ كبيرةٍ من الدرجة الثانية، ستضيف خسائر كبيرة؛ حيث تعتمد العديد من الصناعات على توافُر السلع والمعدات التي تحتوي على رقائق تايوانية، وتلك الصناعات تُوظِّفُ عشرات الملايين من الأشخاص، وبالتالي، خسائر «اجتماعية، واقتصادية» لا يمكن حصْرها.
- لن يؤثر النزاع على «تايوان، والصين» فقط، بل سيمتد لأبعد من ذلك بكثير؛ حيث ستتأثر طُرُق التجارة العالمية، فحركة السفن من «الصين، واليابان» إلى «أوروبا، والعكس»، ومن الولايات المتحدة إلى الدول الآسيوية، تعتمد على مضيق «تايوان»، وهو ما يظهر جليًّا في مرور نصف أسطول الحاويات العالمي هناك، حتى مع افتراض عدم وجود عقوبات، أو تصعيد عسكري بين «الولايات المتحدة، والصين»، فإن التجارة بين الصين وبقية العالم ستتأثر بشدة؛ جرَّاء الاضطرابات في تمويل التجارة العالمية.
- نظرًا للاضطرابات التجارية الكبرى، ستواجه البلدان في جميع أنحاء العالم خطر ارتفاع التضخُّم ونقْص الصناعات الرئيسية ومزيد من مخاطر الركود الاقتصادي العالمي، والتخلُّف عن سداد الديون السيادية على نطاقٍ واسعٍ.
ختامًا:
فإنه يمكن القول: إن المصالح القومية لـ«الولايات المتحدة، والصين» تجعلهما لا يستبعدان اللجوء الي الحرب، خاصةً أنه يمكن توصيف المشكلة، بأنها «مباراة صفرية» يكون أحد الطرفيْن – فقط – فائزًا، غير أن تكلفة تلك الحرب ما زالت تثنيهما – حتى الآن- عن خوْض غمار الحرب، ويلجأ الطرفان لضبْط النفس وانتهاج سياسة القضمة في التصعيد على مستوى الخطابات، أو حتى على المستوى الاقتصادي، بفرض عقوباتٍ نوعيةٍ محدودةٍ نسبيًّا؛ لذا فإنه من غير المرجح، أن تندلع حربٌ في الأُفُق المنظور، في بيئةٍ دوليةٍ مازالت مضطربةً على المستوى «السياسي، والاقتصادي»، وفي وقتٍ تتلمس فيه الصين العودة لتحقيق مُعدَّلات نموٍ جيدةٍ، والانشغال الدولي بمحاولة حصْد المكاسب من حرب أوكرانيا.