أبرز مخرجات قمة الناتو في ليتوانيا

إعداد: مروة سماحة

المقدمة:

انطلقت في العاصمة الليتوانية فيلنيوس قمة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)؛ لمناقشة عددٍ من الملفات، أبرزها: “دعم أوكرانيا وآليات انضمامها للحلف، ووضع آليات دفاع ضد روسيا، وانضمام السويد للحلف”، والجدير بالذكر، أن انعقاد قمة الناتو فى ليتوانيا وعلى حواف الحدود الروسية، يمثل رسالة واضحة لروسيا، بأن أمريكا والناتو أصبحا على حدودها، خاصةً بعد أن أصبح بحر البلطيق بحيرة تابعة للناتو؛ ما يكرس لمعادلة أمنية جديدة في شرق أوروبا، لكن قد تكون مسألة ضم أوكرانيا المفجرة لشرارة الحرب بين “روسيا، والناتو”؛ لذلك فإن عملية الانضمام تبدو مستبعدة، على الأقل في المدييْن “القصير، والمتوسط”، وفي السطور التالية، سيتم تسليط الضوء على أبرز مخرجات القمة.

عدم وجود إطار زمني لانضمام أوكرانيا للناتو

هناك انقسامٌ واضحٌ بين حلفاء الناتو، بشأن انضمام أوكرانيا للحلف، فتدعم ذلك القرار الدول المجاورة لكييف، وتطالب بتحديد جدول زمني واضح لانضمامها، وعلى النقيض، صرَّح الرئيس الأمريكي، چو بايدن، اليوم، بأن أوكرانيا غير مستعدة للانضمام لحلف الناتو؛ لعددٍ من الاعتبارات، أهمها؛ عدم ترحيب كثيرٍ من دول الحلف لانضمام كييف، وعلى رأسهم؛ “ألمانيا، وإيطاليا، واليونان”؛ حيث إن دعوة أوكرانيا للانضمام إلى الناتو قد تساهم في إطالة أمد الصراع مع روسيا؛ ما سيفتح جبهات أُخرى للحرب؛ إذ إن جنود الناتو سيكونون مجبرين على السير إلى كييف؛ لمحاربة الجيش الروسي، في صباح اليوم التالي لقبول عضويتها، علاوةً على ذلك، هناك معضلة قانونية في طلب أوكرانيا، وهي أن الحلف لا يضم أيَّ دولة بداخلها صراع عسكري، وفقًا للمادة ٥، وبالتالي، حلف الناتو يجب أن ينظر بطريقةٍ استثنائيةٍ للتعامل مع الطلب الأوكراني، إمَّا أن يقدم العضوية، أو ضمانات تقارب العضوية، خاصةً المادة الخامسة من ميثاق الحلف، وتمكين أوكرانيا من استخدام قدرات الناتو ومن المعلومات الاستخباراتية.

كذلك أكَّد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أن الحلف سيتخذ قرارات قوية؛ لدعم أوكرانيا التي تواصل هجومًا مضادًا صعبًا ضد موسكو، وتنتظر التزامات بشأن عضوية مستقبلية في التحالف، وأكد على التزام أعضاء الحلف بدعم أوكرانيا عسكريًّا لاستعادة أراضيها، مشيرًا إلى أن قمة الناتو سترسل إشارة واضحة بدعم كييف؛ للحصول على عضوية الحلف.

وجاء في البيان الختامي، الذي وافق عليه القادة، أن “مستقبل أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي”، مضيفًا أن اندماج كييف الأوروبي الأطلسي تجاوز الحاجة إلى خطة عمل العضوية، ورغم أن ذلك أقل بكثير من رغبة “زيلينسكي”، الذي من المحتمل أن يحضر القمة، يوم الأربعاء؛ للتنديد بالانضمام، المتمثلة في أن يكون تحت مظلة الدفاع الجماعي لحلف الناتو، قد يطمئنه إلى أن بلاده يمكنها الاستمرار في القتال.

“أردوغان” يتخلى عن معارضته لانضمام السويد إلى حلف الناتو

بعد قمة ثلاثية، جمعت كلًّا من “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، والأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ” على هامش قمة الناتو في فيلنيوس بليتوانيا، أعلن “ستولتنبرغ”، أن “أردوغان” وافق على إحالة بروتوكول انضمام السويد إلى مجلس الأمة التركي في أقرب وقتٍ ممكنٍ، والعمل عن كثب مع المجلس لضمان التصديق عليه.

وأخيرًا؛ وافقت أنقرة على طلب السويد في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي بعد عام من الممانعة، بعدما قالت: إنها حصلت على تعهدات من ستوكهولم والغرب بتحقيق شروطها، وبالتالي؛ ظهرت تركيا  كدولة تعاني من الإرهاب وتحاربه، والتسليم بذلك من قِبَلِ الدول الأوروبية والناتو؛ حيث أصدرت كُلٌّ من “تركيا، والسويد، والناتو” بيانًا ثلاثيًّا مشتركًا، عقب القمة الثلاثية، الإثنين الماضي، تعهدت فيه السويد، بمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وعدم دعم التنظيمات التي تصنّفها تركيا على قوائم الإرهاب، ولا سيما وحدات الحماية الكردية في سوريا.

وفي السياق نفسه، سلَّط البيان الثلاثي الضوء إلى أن “تركيا، والسويد” اتفقتا على مواصلة التعاون، في إطار كُلٍّ من الآلية الثلاثية المشتركة الدائمة، التي أُنشئت في قمة الحلف بالعاصمة الإسبانية مدريد، عام 2022، وآلية أمنية ثنائية جديدة، تشكل مجموعات عمل مناسبة، وتجتمع سنويًّا على المستوى الوزاري، كذلك نص البيان الثلاثي على تعهد السويد بدعم جهود إعادة إحياء مسار عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي.

الناتو يحذر إيران

أعرب حلف شمال الأطلسي خلال القمة عن بالغ قلقه من “الأنشطة الخبيثة الإيرانية داخل أراضي الدول الأعضاء، داعيًا طهران إلى وقف دعمها العسكري لروسيا، الذي يتضمن توريد طائرات مسيرة.

وأضاف الحلف: “ندعو إيران لوقف دعمها العسكري لروسيا، ولا سيما نقلها للطائرات المسيرة المستخدمة لمهاجمة البنية التحتية الحيوية؛ ما تسبَّب في خسائر مدنية واسعة النطاق”، مضيفًا: “نعبر عن قلقنا البالغ إزاء أنشطة إيران الخبيثة داخل أراضي الحلفاء”.

رفع الإنفاق العسكري

اتفقت الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي على أنّ هدفها، المتمثّل بإنفاق 2% من إجمالي ناتجها الداخلي على نفقات الدفاع، سيصبح حدًّا أدنى، وقال “ستولتنبرغ” في نهاية اليوم الأول:  إنّ “11 من الدول الحليفة بلغت أو تتجاوز حدّ الـ2%”، مضيفًا: “نتوقّع أن يرتفع هذا الرقم بشكلٍ كبيرٍ السنة المقبلة، اليوم تعهّد الحلفاء بالتزامٍ دائمٍ، بتخصيص 2% على الأقلّ من إجمالي الناتج الداخلي سنويًّا للدفاع”.

ختامًا:

يمكن القول: إن ما جاء في قمة الناتو، بشأن انضمام كييف إلى الحلف، أمر كان متوقعًا بشكلٍ كبيرٍ، فليس من الطبيعي، أن تختار ٣١ دولةً بمحض إرادتها الدخول في حرب مسلحة مع روسيا، فضلًا من أن وضع أوكرانيا لا يتماشى مع المادة الخامسة من قانون الحلف، التي تمنع دخول أي دولة منخرطة في حرب، وبالتالي؛ فإن السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الحلف ما زال خطوة بعيدة جدًّا في الوقت الحالي، كما أن الدعم طويل الأمد لأوكرانيا، قد يضع ترتيبًا مشابهًا للترتيب الأمريكي مع إسرائيل، الذي تقدّم واشنطن بموجبه أسلحة بقيمة 3,8مليار دولار كل عام على مدى عقد.

وكان لسياسة تركيا غير المتوقعة، بتأييدها لوجود السويد في حلف شمال الأطلسي، بعد عرض الأمر على البرلمان التركي، دلالة على تحوُّل مرتبط بكثير من النقاشات السياسية بين تركيا وشركائها في الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، التي وافقت بإمداد أنقرة بطائرات” إف – 16″، فضلًا عن الاتفاق الثلاثي، بين كُلٍّ من: “تركيا، والناتو، والسويد”، والذي ناقش قضايا الإرهاب التي تواجهها تركيا، المنبثقة من جماعة الأكراد، وفي مقابل تلك السياسة المنفتحة من جانب تركيا غير المتوقعة، من الممكن أن يقابل ذلك بقبول تركيا في الاتحاد الأوروبي، أو تعزيزها اقتصاديًّا أو عسكريًّا بشكلٍ شبيهٍ بالمساومة.

كلمات مفتاحية