حكومة مالي تدق طبول الحرب في شمال البلاد

بقلم السفير محمد الصوفي 

تتسارع  في مالي وتيرة ما يبدو أنه تحضيرات تعبوية و عسكرية  لاندلاع حرب وشيكة بين السلطة المركزية و الجماعات المسلحة الانفصالية في الشمال إلى جانب المواجهات المفتوحة منذ أسابيع مع الجماعات التي توصف بالإرهابية.

فقد أعلن العقيد عاصمي غويتا الرئيس الانتقالي عن إلغاء احتفالات عيد استقلال البلاد التي كانت مقررة في 22 سبتمبر 2023 وتعبئة جنود الاحتياط وأكد البيان الصادر بهذه المناسبة  أن العقيد عاصمي غويتا أمر الحكومة بتخصيص أموال هذه الاحتفالات لمساعدة ضحايا سلسلة الهجمات الأخيرة وأسرهم.

وأضاف البيان أن الحكومة اعتمدت مشروع مرسوم يسمح “بتحديد حالة جنود الاحتياط وشروط تعبئتهم”، مشيرة إلى أنه من المفترض أن يؤمن هؤلاء “تعزيزات رئيسية في حال حدوث حرب”.

و عرفت الأيام الأخيرة هجمات متتالية تبنتها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي ترتبط بتنظيم القاعدة في المغرب العربي منها هجومان متزامنان يوم الخميس 8 سبتمبر الحالي على قاعدة بامبا العسكرية في دائرة كاوا وفي نفس الوقت تعرضت باخرة كانت تمخر مياه نهر النيجر في منطقة رابوس بدائرة تمبكتو لهجوم وفي اليوم الموالي للهجومين المتزامنين وقع هجوم يوم الجمعة في منطقة كاوا على ثكنة للجيش المالي والمطار المجاور لها.

كانت حصيلة الهجومين الأولين 64 قتيلا من بينهم 15 من الجيش مع أن المصادر تتوقع حصيلة نهائية أكبر من ذلك بكثير ووصف أحد المصادر شبه الرسمية في مالي ما حصل بأنه هجوم عام يتوِّج نشاط جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الذي بدأ منذ عدة أشهر وتكثَّف في الأسابيع الأخيرة في محيط مدينة تمبكتو التي أحكم أعضاء الجماعة المسلحة الذين يوصفون بالجهاديين سيطرتهم على تخومها ومنعوا دخول البضائع حسب بعض المصادر كما أن هجمات هذه الجماعة قد وصلت إلى معابر طرقية أخرى في منطقة تمبكتو وكاوا في الأيام الأخيرة.

كما أعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين مسؤوليتها عن هجوم على مليشيا فاغنر الروسية المتحالفة مع الجيش المالي في منطقة سيكو وسط الأراضي المالية. يلاحظ المراقبون أن الهجمات تعددت في الأسابيع الأخيرة في منطقة بوبتي وبانجاكارا في وسط البلاد.

تجدر الإشارة إلى أن المصادر شبه الرسمية  في مالي وشبكات التواصل الاجتماعي لا تتردد في توجيه الاتهام الصريح للجماعات الأزوادية الانفصالية بالتحالف مع الحركات الجهادية وبالمشاركة في بعض هذه الهجمات.

يأتي هذا  التصعيد  بعد انسحاب قوات المينوسما التابعة للأمم المتحدة الصراع بين الجيش المالي و الحركات الازوادية  للسيطرة على المواقع التي تخليها المينوسما في مناخ من التوتر بين الطرفين خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي قالت الحركات الأزوادية إن الجيش المالي استهدف فيها أفرادا تابعين لها بالقتل والأسر، إلخ.

و كانت الحركات الازوادية  أعلنت التعبئة من جانبها و دعت للتوجه إلى الميدان استعدادا لمواجهة ما وصفته بالخطر المحدق. الأمر الذي يجعل المراقبين أن اندلاع الحرب أصبح وشيكا بين السلطة المركزية والحركات الأزوادية في ظل النشاط المكثف للجماعات الجهادية وخاصة جماعة نصرة الإسلام التي قامت بالهجمات الأخيرة و يعني ذلك إمكانية عودة الوضع في مالي إلى ما يشبه الحالة التي كانت سائدة 2012 حين أوقف الفرنسيون زحف الحركات الازوادية في اتجاه العاصمة باماكو.

كلمات مفتاحية