إعداد: أحمد محمد فهمي
باحث متخصص في الشؤون التركية والإقليمية
بعد هزيمة يونيو 1967 واستيلاء إسرائيل على شبه جزيرة سيناء، بالإضافة إلى العديد من الأراضي العربية، حدثت تأثيرات جوهرية على الواقع المصري، أبرز تلك التأثيرات هي إعادة النظر في المفاهيم الفكرية والسياسية التي يمكن من خلالها تحقيق أهداف متعددة والتي تمثلت في: أولًا، إعادة بناء الثقة بين الشعب المصري وقيادته السياسية. ثانيًا، إعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة بهدف التحضير لمعركة التحرير. وثالثًا، إعادة النظر في السياسة الخارجية المصرية، التي اتخذت موقفًا تصاعديًا وصداميًا في مواجهة بعض القوى الدولية.
بناءً على ذلك، اعتبرت هزيمة عام 1967 هي هزيمة للمشروع القومي الاشتراكي الذي بُنيَ على يد الرئيس جمال عبد الناصر، وهذا ما أدى إلى فقدان ثقة الشعب المصري في قيادته التي طالما كانت تروج لقدراتها المتقدمة خاصة في المجالات العسكرية، ليس فقط في مواجهة إسرائيل، وإنما أيضًا في مواجهة القوى العالمية، واعتمدت هذه القيادة في ذلك على تجربة حرب عام 1956، حيث نجحت مصر في الخروج من الحرب بتحقيق مكاسب سياسية بعد مواجهة القوتين الاستعماريتين الكبرى، بريطانيا وفرنسا، بالإضافة إلى القوى الصاعدة في المنطقة مثل إسرائيل.
كما تم النظر أيضًا في العلاقات المصرية مع الاتحاد السوفيتي، التي اعتمدت عليها مصر كثيرًا كحليف وصديق خاص، ولكن وبسبب المحاولات السوفيتية لفرض الوصاية على السياسات المصرية وتوجهاتها وبالأخص فيما يتعلق بقرار اتخاذ توقيت معركة التحرير، قرر الرئيس محمد أنور السادات في وقت لاحق اتخاذ قراره التاريخي بطرد الخبراء السوفييت، وقد اعتبر هذا القرار محطة هامة ضمن إعادة توجهات السياسة الخارجية نحو استيعاب التغيرات الاستراتيجية في منظومة التفاعلات الدولية.
لتأتي حرب أكتوبر في عام 1973 كنقطة تحول هامة جدًا، إذ تمثل إنجازًا بارزًا في تاريخ مصر الحديث، رغم قيود الإمكانيات والموارد المحدودة، لكن استطاعت مصر النجاح في تحقيق النصر على القوات الإسرائيلية واستعادة الأراضي المحتلة، كما أسهمت هذه الحرب في استعادة كرامة الشعب المصري وإعادة تأكيد هويته الوطنية. ولا يمكن حصر نتائج حرب أكتوبر في استعادة الأرض فقط وهزيمة المحتل، بل كانت لها نتائج مهمة في صياغة تحولات وسياسات عقلانية رشيدة التي أخذت في اعتبارها حجم وموقع تاريخ الدولة المصرية، والتي لا تزال نتائجها لها تأثيرات مستمرة على الصعيدين الوطني والإقليمي.
يتناول هذا التقرير تلك التأثيرات المستمرة بعد مرور خمسين عامًا على انتصارات حرب أكتوبر، والتي تعني هنا الآثار والتداعيات التي لا تزال قائمة ومستمرة في التأثير بعد انتهاء الحرب، والتي ما زالت تؤثر على الأحداث والسياسات والعلاقات في المنطقة حتى الوقت الحالي.
- معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية
إعلان الرئيس الراحل محمد أنور السادات عن رغبته في تحقيق السلام وحل الصراع بوسائل سلمية، يُعد مبادرة مصرية أدت في نهاية المطاف والمباحثات إلى توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979، والتي أنهت حالة الحرب بين البلدين، وإلى وقتنا الحالي فإن الطرفان ملتزمان بالاتفاقية الموقعة.
نجاح مصر في حرب أكتوبر وتحقيقها لنتائج عسكرية إيجابية في تحرير جزء من الأراضي المحتلة، دفعها نحو المرحلة الثانية، وهي التوجه نحو الدبلوماسية السلمية كوسيلة لاستعادة كافة الأراضي المصرية من خلال المفاوضات، وهذا يشير إلى تطور السياسات المصرية، حيث ازدادت قدرتها على صناعة السياسة الخارجية خلال فترة السبعينات من القرن الماضي. وبعد سنوات من التفاوض مع الإسرائيليين الذين كانوا في حالة حرب منذ وقت ليس بالبعيد، فقد سعت مصر إلى إحلال السلام معهم مقابل خروجهم من الأرض التي احتلوها، ونجحت المساعي المصرية في استعادة شبه جزيرة سيناء بأكملها بعد ست سنوات من الاحتلال الإسرائيلي.
ويمكن القول إن هناك مرحلتين هامتين من التأثيرات المستمرة فيما يتعلق باتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل. المرحلة الأولى: هي اتفاقيات السلام التي وقعت وكذلك التي فشلت في استكمال مراحلها ولكنها أخذت بزمام المبادرة، والتي تم توقيعها من قبل الدول التي دخلت في مواجهات عسكرية مباشرة مع إسرائيل، مثل معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في عام 1994، واتفاقية أوسلو التي تم توقيعها بين منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات وإسرائيل في عام 1993، ومعاهدة 17 أيار وهو مشروع اتفاق سلام تم التواصل اليه في 17 مايو 1983 بين الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل وإسرائيل، إلا أنه تم الغاؤه قبل المصادقة عليه نتيجة لضغوط الوصاية السورية على لبنان.
والمرحلة الثانية: مرحلة الاتفاقيات الإبراهيمية، وهي اتفاقيات السلام التي تم توقيعها من جانبي الإمارات والبحرين مع إسرائيل في أغسطس 2020. كما لا تزال هناك إشارات حول اتفاقية سلام متوقعة بين السعودية وإسرائيل، خاصة بعد تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال مقابلته الإعلامية مع قناة فوكس نيوز الأمريكية، وكذلك ما كشفه وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، بأن الإطار العام لاتفاق لإقامة علاقات بين السعودية وإسرائيل بوساطة أميركية قد يصبح جاهزاً بحلول مطلع العام المقبل.
إن اتفاقيات السلام بين دول المنطقة العربية وإسرائيل، التي لا تزال مستمرة حتى اليوم، تُعد واحدة من الآثار المستدامة لاتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية. ولولا المبادرة المصرية، والتي استندت إلى مكانة مصر البارزة وريادتها في المنطقة، لما كانت هذه الخطوات العربية ممكنة، كما تظهر هذه الخطوات بوضوح نجاح مصر في تصوير سياستها وفهمها السليم لتطورات الأحداث، رغم التحديات التي واجهتها من قبل دول عربية أخرى بعد توقيعها على معاهدة السلام.
- استشراف مصري لمفهوم الدور والمكانة
تصاعدت العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتي في عهد الرئيس جمال عبد الناصر نتيجة لعدة عوامل، من أهمها رفض القيادة المصرية للشروط الأمريكية لتقديم المساعدات لمصر، والتي منها تقديم صفقات السلاح وتمويل مشروع السد العالي، مقابل موقف مصري واضح ومؤيد للسلام مع إسرائيل ومساندًا للمشاريع الأمريكية في المنطقة. ونتيجة لذلك، توترت العلاقات وتراجعت مع واشنطن، في حين ارتفعت بوضوح العلاقات المصرية مع الاتحاد السوفيتي.
وقد أثرت هزيمة يونيو 1967 وأحداث حرب الاستنزاف بشكل كبير على الثقة التي كانت توليها القيادة المصرية للدور السوفيتي، وعلى الرغم من أن الاتحاد السوفيتي كان المورد الرئيسي للسلاح إلى مصر، إلا أن فعاليته في دعم مصر في اتخاذ القرار لم تكن توازي فعالية الولايات المتحدة في دعم إسرائيل، كما أن الأسلحة الواردة من الاتحاد السوفيتي إلى مصر كانت متأخرة بحوالي ثلاثة أجيال عن الأسلحة التي توردها الولايات المتحدة إلى إسرائيل.
هذا الأمر أدى إلى تراجع الاعتماد المصري على الاتحاد السوفيتي تدريجيًا، حتى وصلت العلاقات بين البلدين إلى مرحلة الفصل شبه الكامل، ويبدو من تطور الأحداث أنه إذا لم تكن هناك حاجة ماسة للسلاح السوفيتي ودعمه في تحقيق الانتصار الأخير على إسرائيل، من قبل الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فإن العلاقات بين البلدين لم تكن لتستمر كما كانت، خصوصًا أنه تم إيصال إشارات من مصر إلى الولايات المتحدة تعبيرًا عن استعدادها لبناء علاقة جديدة حتى لو كان ذلك على حساب الصديق والحليف، الاتحاد السوفيتي.
وكان الرئيس السادات يرى أنه في ظل التحولات التي أخذت تظهر على ساحة العلاقات بين القوتين العظميين واتجاههما نحو الوفاق وعدم التصعيد، فقد فسرها بأنها مؤشر على أن السوفييت لن يصبحوا بذات القوة في الدعم عندما كانت الحرب الباردة في أوجها والتي كانت مصر بالنسبة لهم بمثابة قاعدة متقدمة في الشرق الأوسط، فكيف بهم وهم يتجهون للوفاق مع الولايات المتحدة.
ونتيجة لذلك، أصبحت هناك قناعة لدى الرئيس السادات بأن الولايات المتحدة هي صاحبة الدور الأكبر في الشرق الأوسط، وأن استمرار الحرب بين مصر وإسرائيل لن يكون مجديا. بالتالي، اتجه نحو الابتعاد عن الاتحاد السوفيتي والاقتراب تدريجيًا من الولايات المتحدة على أمل خوض حرب فاصلة تعيد الأمور إلى سابق عهدها، وبعد ذلك يمكن التوجه نحو السلام، وهذا هو الأمر الذي نجح الرئيس السادات في تحقيقه فيما بعد.
ومما لا شك فيه أن تلك القراءة المستقبلية للرئيس السادات نحو إعادة هندسة علاقات مصر الخارجية مع القوى العظمي، وأيضًا الضعف الذي أصاب الاتحاد السوفيتي خاصة بعد غزوه لأفغانستان وفشل سياسات آخر رؤساؤه، ميخائيل جورباتشوف خاصة سياسة “البيريسترويكا” والتي نتج عنها تفكك الاتحاد السوفيتي، وكذلك خلاصة التجارب العربية في منظومة التفاعل الدولي في تلك المرحلة وما بعدها، فإن كل تلك العوامل أكدت أن من استطاع أن من يجيد القراءة الصحيحة لمفهوم دوره ومكانته في الساحة الدولية لتحقيق مصالحه الوطنية، هو من استطاع أن يصمد في وجه التقلبات والتغيرات الدولية التي لا ترحم من يخطئ قراءة متغيراتها. ففي كثير من الأحيان، يكون الثمن هو تضحية مجتمعات بأكملها، مثلما حدث مع الأنظمة البعثية في العراق وسوريا.
- الصراع من أجل السلام والتنمية
شهد عقد السبعينات عددًا كبيرًا من الصراعات الدولية، حوالي عشر حروب دولية، منها حرب أكتوبر، وهو عدد أكبر بكثير مما رأيناه في العقدين الثامن والتاسع من القرن العشرين. ومن بين هذه الصراعات لا يوجد سوى اثنين منها أفضت إلى اتفاقيات سلام متبادلة، منها الاتفاقية التي حظيت بالاهتمام الكبير، وهي اتفاقيات كامب ديفيد الموقعة بين مصر وإسرائيل التي تم التفاوض عليها في العامين 1978 و1979، في حين أن التنفيذ تم في الأعوام اللاحقة.
إن مبادرة الرئيس السادات للسلام، بعد سلسلة من الحروب في إطار الصراع العربي الإسرائيلي، جعل من البحث عن حلول سياسية لحل النزاعات والصراعات المستمرة في المنطقة حلاً جاذبًا ومنطقيًا لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، ولكن لا يعني ذلك استسلامًا وتقديم تنازلات، وهو ما نستطيع أن نلمسه في خطاب الرئيس السادات أمام الكنيست في 20 نوفمبر 1977 عندما أشار بأن الأمة العربية لا تتحرك في سعيها من أجل السلام الدائم العادل، من موقع ضعف أو اهتزاز، بل إنها على العكس تماما تملك من مقومات القوة والاستقرار، ما يجعل كلمتها نابعة من إرادة صادقة نحو السلام، وصادرة عن إدراك حضاري بانه لكي نتجنب كارثة محققة، فإنه لا بديل عن إقرار سلام عادل، بالتالي قد أفضت المفاوضات والمشاورات الى رجوع كافة الأراضي المحتلة الى السيادة المصرية، وهو ما شجع بعض دول المواجهة للبدء في اتخاذ خطوات مشابهة.
استطاعت مصر بعد إبرام عملية السلام أن تدخل مسار التنمية، وبدلاً من توجيه معظم موارد الدولة نحو الجهود الحربية، تحوّلت تلك الموارد نحو التنمية. فالاقتصاد المصري كان يعاني من تكبد أعباء إنفاق عسكري ضخم للاستعداد لحروب محتملة في المستقبل، وقد تطلب هذا الاستعداد العسكري أيضًا الإنفاق الكبير الذي نتج عن تهجير ما يقرب من مليون شخص من سكان مدن قناة السويس نتيجة لحرب يونيو 1967، وما ترتب عليها من فقد مصر لآبار النفط في سيناء وتدمير معامل تكرير النفط في السويس. هذا بالإضافة إلى إغلاق قناة السويس لسنوات قبل أن يتم إعادة افتتاحها للملاحة العالمية في 5 يونيو 1975، والتي لا يمكن تجاهل أهمية إعادة افتتاحها التي أثرت بشكل إيجابي ليس فقط على الاقتصاد المصري، ولكن أيضًا على حركة التجارة العالمية.
- استمرار أزمات المنطقة المرتبطة بإسرائيل
لا تزال هناك توترات إقليمية مستمرة في منطقة الشرق الأوسط نتيجة للقضايا المتعلقة بإسرائيل. يشمل ذلك القضية الفلسطينية بجميع جوانبها وتطوراتها، سواء على الصعيدين الداخلي والخارجي، بما في ذلك الخلافات بين حركتي فتح وحماس، والتوترات في المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا، وصعوبة التوصل إلى حلول دائمة في مفاوضات السلام مع إسرائيل.
وفي لبنان، يظهر حزب الله اللبناني أن امتلاكه للقدرات العسكرية والتسليحية مرتبط بوجود إسرائيل، وعلى الرغم من استخدام تلك القدرات للضغط على القوى السياسية اللبنانية بهدف التأثير على الحياة السياسية في لبنان، إلا أن حزب الله لا يزال على موقفه الرافض لنزع سلاحه. حتى خلال مشاركته في النزاع في سوريا إلى جانب قوات النظام السوري، يعتبر حزب الله أن هذه المشاركة تأتي في إطار دعم محور المقاومة في مواجهة إسرائيل، ويرون أن سقوط نظام بشار الأسد سيعني نهاية مشروع المقاومة والمواجهة.
كما يُمكن القول إن ظهور العديد من القوى والميليشيات المسلحة في العديد من الدول العربية، والتي تساهم في تصاعد الأزمات والصراعات في المنطقة، تعتمد على شعارات معادية لإسرائيل لاستثماراتها في جذب المؤيدين وضمان استمرار تواجدهم على الساحة، وهذا يظهر جليًا في حالة جماعة الحوثي في اليمن، حيث يعلنون باستمرار أن هدفهم الرئيسي هو مقاومة الولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك في قوات الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان، ويظهر أن العامل المشترك بينهم هو ارتباطهم الوثيق بإيران التي تزوّدهم بجميع الاحتياجات اللازمة لضمان وجودهم واستمراريتهم في المنطقة.
- سلاح الطاقة كوسيلة للتأثير الدولي
في إطار المواقف العربية التضامنية مع مصر في حربها ضد إسرائيل، تم استثمار القوة الاقتصادية للنفط العربي وأهميته الاستراتيجية والسياسية للعالم الغربي، فدخل سلاح النفط معركة أكتوبر بنجاح باهر وحقق نتائج ملموسة لا يمكن تجاهلها. كان الهدف منه خفض إنتاج النفط في تلك الفترة بشكل عام، مما أدى إلى وقوع أزمة نفطية شاملة أثرت على العالم بأسره. ولكن الهدف لم يكن توجيه عقوبة للعالم، بل كان الهدف هو فتح أعين العالم على قضية الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي وممارسة ضغط سياسي على القوى المؤثرة في هذا النزاع، وبالأخص الولايات المتحدة، لتغيير موقفها واتخاذ مواقف متوازنة وعادلة، والعمل على إيجاد حلاً للأزمة.
ويتجلى من خلف تلك السياسات أهمية مصادر الطاقة كسلاح في الاقتصادات العالمية. في وقتنا الحالي، وبينما تشن روسيا حربها على أوكرانيا، فقد قامت روسيا باستخدام مواردها الطاقية، ولا سيما موارد الغاز الطبيعي، كوسيلة لفرض ضغط اقتصادي على الدول الأوروبية، نتيجة للعقوبات التي فرضتها الدول الغربية على موسكو، وأيضًا للضغط على الشعوب الأوروبية لممارسة ضغط على حكوماتها لتغيير مواقفها.
وفي منطقة شرق المتوسط، حيث لا تزال هناك خلافات قائمة بشأن ترسيم الحدود البحرية، فقامت دول المنطقة بإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط لتنسيق الجهود المتعلقة بالاستكشاف واستخراج الغاز الطبيعي، وتحقيق الاستفادة القصوى للدول الأعضاء من الموارد الطبيعية المستكشفة، لكن تم استبعاد تركيا من الانضمام إلى هذا المنتدى نتيجة لسياستها في المنطقة، بما في ذلك عمليات التنقيب عن الغاز في المناطق الاقتصادية لكل من اليونان وقبرص، وذلك في محاولة من دول المنتدى لإجبارها على التوقف عن تلك الممارسات، وترسيم حدودها البحرية طبقًا لقواعد القانون الدولي.
ومن خلال ما سبق يظهر مدى أهمية سلاح الطاقة واستمرار تأثيرات استخدامه كوسيلة للتأثير والضغط الدولي لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية على الساحة العالمية.
وإجمالاً
بعد مرور خمسين عامًا على انتصارات أكتوبر، يظل تأثير هذه الأحداث الملحمية مستمرة وحاضرة في تاريخنا وسياستنا الإقليمية والعالمية، إن هذه الانتصارات لم تكن مجرد صفحة من تاريخنا، بل كانت نقطة تحول حاسمة، ساهمت في تغيير مسار المنطقة والتأثير على العديد من القضايا الدولية.
كما تتجلى تأثيرات انتصارات أكتوبر في استعادة الأمن والاستقرار للمنطقة وإنهاء حالة الحرب الطويلة مع إسرائيل، كما أنها فتحت الباب أمام مساعي لتحقيق السلام والتعايش السلمي في المنطقة، وهذا ما نراه في اتفاقيات السلام التي تم توقيعها بين دول عربية وإسرائيل فيما بعد.
كما أظهرت انتصارات أكتوبر مكانة مصر الإقليمية والعالمية ودورها الرائد في صنع السلام واستشراف المستقبل، كما أنها ألهمت الكثيرين من دول المنطقة وخارجها للعمل من أجل تحقيق الاستقرار وحل النزاعات بوسائل سلمية.
المصادر
- بيتر فالنستين، ترجمة: د. سعد السعد & محمد دبور، “مدخل إلى فهم تسوية الصراعات: الحرب والسلام والنظام العالمي“، المركز العلمي للدراسات السياسية – الأردن، 2006.
- بيداء محمود أحمد، “التحول في العلاقات المصرية – الأمريكية في عهد الرئيس أنور السادات“، مجلة الآداب بكلية الآداب جامعة بغداد، ع96، 2011.
- عزمي محمود عاشور، “مصر وإعادة تعريف دورها في منظومة التفاعل الإقليمي والدولي“، مجلة الديمقراطية بمؤسسة الأهرام، مج21، ع83، يوليو 2021.
عاطف سليمان، “سلاح النفط العربي… الى أين؟”، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، مج5، ع48. فبراير 1983