مؤشرات مقلقة: تراجع زخم الدعم الغربى لكييف بين انقسام الكونجرس وشقوق على الجبهة الأوروبية

إعداد: ميار هانى

باحثة فى الشأن الدولى والأمن الإنسانى

مع اتجاه الحرب فى أوكرانيا نحو إتمام عامها الثانى دون أن يحسم طرف المعركة لصالحه، تبرز على السطح مجموعة من التطورات المقلقة على المستوى الأمريكى والأوروبى تعكس تراجع زخم الدعم لكييف على الرغم من الالتفاف الغربى وراء دعم أوكرانيا ماليًا وعسكريًا منذ بدء الحرب، ولعل من أبرز المؤشرات تزايد الانقسام بين الديمقراطيين والجمهوريين فيما يتعلق باستمرار تمويل أوكرانيا؛ وهو الأمر الذى تجلى مع تجريد بند ينص على تمرير حزمة مساعدات تقدر ب 13 مليار دولار فى مشروع قانون الإنفاق الحكومى قصير الأجل، وذلك فى الوقت الذى تتزايد فيه المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل على غرار التصعيد الخطير فى غزة. إلى جانب إعلان بولندا، الحليف الرئيسى لأوكرانيا فى الحرب، وقف تسليح كييف. فضلًا عن وصول حكومة مؤيدة لروسيا للسلطة فى سلوفاكيا، واعدة بوقف الدعم العسكرى لأوكرانيا، وتزايد الشكوك الداخلية بجدوى المساعدات المقدمة لكييف، وهو الأمر الذى يثير القلق بمستقبل المساعدات الغربية المقدمة لأوكرانيا.

مـؤشـرات عـديـدة

الـولايـات الـمـتحـدة الأمـريكية: تحديات تهدد تدفق التمويل لكييف

أولًا: مزيد من الانقسامات داخل أروقة الكونجرس

يقف الديمقراطيون بحزم وراء أوكرانيا لمساعدتها فى الكفاح من أجل الديمقراطية وصد الخطر الروسى عن الغرب، وبالتالى تمثل المساعدات العسكرية لكييف أولوية قصوى للإدارة الأمريكية، إذ تعهد الرئيس الديمقراطى “بايدن” منذ اللحظات الأولى من إعلان بوتين العملية العسكرية فى أوكرانيا بتقديم دعم سخى لكييف، واستهدف إضعاف موسكو اقتصاديًا من خلال فرض حزمات متتالية من العقوبات لإعاقة قدرتها على مواصلة الحرب، فضلًا عن قيادة عدد من الجهود الدولية الهادفة لعزلها دوليًا، وعليه وضعت واشنطن القضية الأوكرانية على رأس أجنداتها الخارجية.

بينما تتعالى الأصوات الجمهورية المعارضة لتقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا والتخلى عن المعركة، ولعل طلب الرئيس جو بايدن حزمة جديدة من المساعدات لكييف بقيمة 13 مليار دولار مع تجريد الجمهوريين لهذا البند من مشروع قانون الإنفاق الحكومى قصير الأجل خير دليل على ذلك. وقد نقف هنا على عدد من العوامل المفسرة لهذا الأمر، ومنها رؤية عدد من النواب الجمهوريين عدم وجود مصلحة حيوية فى أوكرانيا بل ووصف الحرب من قبل البعض بأنها “حرب إقليمية”، إلى جانب دعم عدد من الجمهوريين صب ذلك الاهتمام على أمن الحدود الأمريكية مع تزايد الهجرة غير الشرعية وذلك باعتباره أولوية تفوق أولوية الدفاع عن أوكرانيا من الخطر الروسى، بالإضافة إلى تقدم كييف البطيء فى ساحات القتال، وذلك لعدم تحقيق الهجوم الصيفى المضاد الغاية المأمولة منه من خلال استعادة مساحات شاسعة من الأراضى الأوكرانية وتحقيق تقدم فعلى فى الخطوط الأمامية، وهو الأمر الذى تسبب فى تشكك البعض من جدوى المساعدات المقدمة لكييف، فضلًا عن ما يعرف ب “تأثير ترامب” الذى يخوض حاليًا حملة للعودة إلى البيت الأبيض على مشاعر الجمهوريين والذى يحظى بشعبية عالية بينهم كونه أشد المعارضين لاستمرار تمويل كييف.

ثانيًا: الإطاحة بـ”مكارثى”

فى سابقة تاريخية شهدها مجلس النواب الأمريكى، تم التصويت بالأغلبية على عزل “كيفين مكارثى” رئيس مجلس النواب الجمهورى نتيجة لمذكرة طرحها الجناح اليمينى المتشدد فى حزبه تنص على اعتبار “منصب رئيس مجلس النواب شاغرًا” نتيجة لتعاونه مع الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ لتمرير اتفاق مؤقت بشأن الموازنة، وذلك بعد تصويت 216 لصالح حجب الثقة مقابل معارضة 210.

والآن، وبعد الإطاحة بمكارثى، يبدو أن احتمال تقديم مساعدات جديدة لأوكرانيا فى أى وقت قريب قد تضاءل بشكل كبير، فإن أى شخص سوف يتولى منصب رئاسة مجلس النواب سيواجه – على الأقل – نفس التحديات التى واجهها مكارثى، وبالتالى فإن أى متحدث يصوت لصالح تقديم مساعدات لكييف، فإنه من شبه المؤكد أن يواجه انتفاضة معارضة من الجناح اليمينى الجمهورى المعارض بالأساس لهذا الأمر. وعليه، سيتعين على رئيس مجلس النواب الجديد تقديم المزيد من التنازلات للجناح المتشدد من حزبه، كما يتعين عليه أن يكون أقل ميلًا إلى تقديم أى تساهلات وتنازلات للديمقراطيين.

وما يزيد من تعقيد المشهد هو تحذير إدارة بايدن بأن الأموال التى تم تخصيصها من قبل الكونجرس لدعم كييف فى ساحات القتال قد نفدت تقريبًا، وهو ما يعزز زيادة الاضطراب فى الدعم الأمريكى لكييف فى حال لم يسمح الكونجرس بتقديم الدعم لكييف لتغطية بقية العام الحالى.

ثالثًا: تراجع تأييد الرأى العام الأمريكى

أعلنت أحدث بيانات استطلاع الرأى من قبل مجلس شيكاغو للشؤون العالمية الذى تم إجراؤه خلال شهر سبتمبر الماضى، أن معظم الأمريكيين ما زالوا يؤيدون إرسال المزيد من الإمدادات لأوكرانيا، إلا أن هناك تصاعدًا للأصوات المشككة فى جدوى استمرار دعم كييف.

فوفقًا لاستطلاع الرأى، وجد أن 63% من الأمريكيين يؤيدون تقديم المزيد من المساعدات لكييف، وذلك فى تسجيل تراجع عن شهر نوفمبر الماضى الذى بلغ خلاله عدد المؤيدين 65%، وهو أيضًا أقل من النسبة التى تم تسجيلها فى يوليو 2022 والتى بلغت 72%.

وبلغت نسبة دعم الجمهوريين 50%، مسجلة انخفاضًا قدره 18 نقطة مئوية منذ يوليو 2022، و30 نقطة مئوية منذ الأسابيع الأولى من بدء الحرب (الروسية – الأوكرانية)، بينما بلغت نسبة الدعم الديمقراطى 77%، مسجلة انخفاضًا قدرة درجتين مئويتين مقارنة بصيف عام 2022، كما انخفض التأييد بين المستقلين ثمانى نقاط مئوية ليصل إلى 60%.

رابعًا: ترتيب أولويات.. مخاوف من تأثير الدعم الأمريكى لإسرائيل على المساعدات المقدمة لكييف

بعدما أعلنت الحكومة الإسرائيلية “حالة الحرب” ردًا على عملية طوفان الأقصى التى شنتها كتائب القسام (الذراع العسكرى لحركة حماس)، صباح السبت الماضى، هناك مخاوف من أن يدفع التصعيد الحالى فى أعمال العنف بين الطرفين إلى حافة حرب مدمرة؛ حيث يعد الوضع فى غاية الخطورة لأنه أدى بالفعل إلى سقوط ضحايا كثيرين من كلا الجانبين، وأسر العديد من الإسرائيليين، فضلًا عن تدمير مبانٍ عديدة فى قطاع غزة.

وهناك مخاوف من أن يمتد تأثير هذا التصعيد خارج حدود إسرائيل وفلسطين، لتصل تداعياته إلى منطقة الشرق الأوسط ككل، أو حتى علاقة دولها بالمجتمع الدولى، خاصة بعد تلويح أذرع إيران فى المنطقة (حزب الله، الحوثيين) بالتدخل ودعم المقاومة الفلسطينية فى حربها مع إسرائيل، الأمر الذى قد يطيل من أمد التصعيد الحالى ويجعل إسرائيل فى حاجة ماسة للدعم الأمريكى.

وبالفعل، قال المتحدث باسم البنتاغون “باتريك رايدر” إن قوات أمريكية خاصة معنية بتحرير الرهائن، وصلت إلى إسرائيل، وفقًا لما نقلت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية، وبحسب الهيئة الإسرائيلية فقد أضاف رايدر أن إرسال حاملة طائرات أمريكية إلى شرق المتوسط، تُعد “رسالة ردع لحزب الله وإيران لعدم التدخل فى الحرب”، مشيرًا إلى أن لدى هذه الحاملة “قدرات تجسس ورصد وقدرات على الرد”، وذكر أن واشنطن ستترك فى المنطقة مقاتلات F-35، وستعزز مقاتلات F-16 وF-15 لضمان إتاحة مختلف الخيارات، مع استعداد واشنطن لتقديم المزيد من الدعم العسكرى لإسرائيل، وفق تعبيره.

بالتالى يترك هذا التحرك الساخن فى منطقة الشرق الأوسط تحديًا آخر فيما يتعلق بمصير الدعم الأمريكى لكييف فى حربها ضد روسيا، حيث مخاوف فى أوكرانيا من أن يتم ترتيب أولويات الولايات المتحدة فى الفترة القادمة بتركيز اهتمامها ودعمها الكامل لإسرائيل، وهو ما تجلى فى تصريح الرئيس الأوكرانى “زيلينسكى” الذى أعلن فيها مخاوفه من أن تؤثر الحرب فى غزة على “حرف الأنظار عن أوكرانيا”.

ومما سبق طرحه، يمكن القول إنه فى حالة إطالة أمد الحرب بين إسرائيل وحماس، وتدخل أذرع إيران للمساندة، قد يؤثر ذلك على الدعم الأمريكى الموجه لأوكرانيا؛ وذلك لأن الالتزام الأمريكى التقليدى بدعم إسرائيل، سيترجم اهتمامًا أكبر بتطورات الأوضاع فيها على حساب ما يحدث فى أوكرانيا، وبالتالى يمكن أن يحدث ترتيب أولويات لصالح إسرائيل مع دعم كلا الحزبين الديمقراطى والجمهورى لها على عكس أوكرانيا، وبالتالى من المتوقع أن يستمر الدعم الأمريكى لأوكرانيا ولكن بمستوى محدد وغير مفتوح عن ذى قبل.

سـلـوفـاكـيـا: انتخاب رئيس وزراء موالٍ للكرملين

يعد تصدر الحزب الشعبوى “سمير – إس – دى” أو “الحزب الديمقراطى الاجتماعى” المشهد الانتخابى البرلمانى، بقيادة “روبرت فيكو” رئيس الوزراء الأسبق، وحصوله على 23% مقابل حصول الحزب الوسطى “سلوفاكيا التقدمية” على 18% من إجمالى الأصوات هو مؤشر قوى على تراجع الدعم لكييف مع استمرار وتيرة الحرب.

إذ يتبنى “روبرت فيكو” موقفًا داعمًا لروسيا، ملقى باللوم عن مسؤولية الحرب على أوكرانيا والغرب بالأساس، ويقوم برنامجه الانتخابى على إنهاء الدعم العسكرى بشكل كامل لكييف “والتوقف عن إرسال ولو رصاصة واحدة إلى أوكرانيا المجاورة”، وإعطاء الأولوية بالأساس للداخل السلوفاكى والتعهد بمنح رعاية اجتماعية سخية، وقد جاءت ردود الأفعال تجاه نتائج الانتخابات بتولى “فيكو” رئاسة الحكومة للمرة الرابعة سلبية من قبل معظم حكومات الدول الأوروبية، ناهيك عن التوقيت الذى جعل الأمر أكثر صعوبة لدخول الحرب عامها الثانى مع وجود تقارير تشير إلى معاناة بعض الدول الغربية من نقص فى مخزون الأسلحة التى يتم إرسالها لأوكرانيا.

يعد التحول السياسى فى دولة سلوفاكيا كبيرًا باعتبارها أحد أقوى الحلفاء السابقين المؤيدين لحكومة كييف وأشد الأعداء لروسيا، إضافة أنها من أوائل الدول الداعمة عسكريًا لها من خلال تقديم طائرات مقاتلة فى حربها مع موسكو، ويشير حصول الحزب الديمقراطى الاجتماعى على نسبة 23% يليه ثانى أكبر الأحزاب بحصوله على نسبة 18% أن الحكومة فى سلوفاكيا قد تتشكل من ائتلاف برئاسة “فيكو”، وهو ما يعنى بأن حزب رئيس الوزراء المعروف بتأييده لروسيا وعدائه لخصيمتها من المرجح أن يخفف من حدة مواقفه اتجاة كييف وذلك تبعًا لدرجة مشاركته فى السلطة، إذ تعد نسبة 23% قليلة للوصول حتى إلى جمع نسبة الغالبية البسيطة ألا وهى 51%.

بـولـنـدا: من حليف رئيسى لكييف إلى علاقات يسودها التوتر

تعد وارسو حليفًا رئيسيًا لكييف منذ اللحظات الأولى لاندلاع الحرب (الروسية – الأوكرانية)، إذ أنها واحدة من أهم موردى الأسلحة الرئيسيين لكييف، فضلًا عن كونها نقطة العبور الأساسية لمساعدات دول الناتو العسكرية إلى أوكرانيا، وذلك إلى جانب تقديمها مساعدات إنسانية واستضافتها مليون لاجئ أوكرانى تم تقديم الدعم الحكومى لهم، إلا أن عاملين رئيسيين ساهما فى سيادة توتر العلاقات بين وارسو وكييف، وذلك على النحو التالى:

أولًا: الخلاف المتزايد بشأن قضية الحبوب

وافق الاتحاد الأوروبى فى مايو الماضى على حظر واردات الحبوب الأوكرانية إلى بولندا وسلوفاكيا وبلغاريا وهنغاريا ورومانيا، وذلك فى محاولة لحماية المزارعين فى تلك البلاد من مما سببته الواردات فى تشوهات السوق مؤدية إلى انخفاض أسعار الحبوب فى الأسواق المحلية، ومع الاستقرار فى أوضاع السوق مرة أخرى، أعلنت المفوضية الأوروبية عزمها فى إنهاء حظر استيراد الحبوب الأوكرانية، وهو القرار الذى قوبل بالاعتراض من قبل بولندا وهنغاريا وسلوفاكيا. وعليه، تقدمت كييف بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية بشأن قرار الحبوب الذى اتخذته الدول الثلاث، فضلًا عن حدوث أزمة دبلوماسية فى الأمم المتحدة بعد اتهام ” فولوديمير زيلينسكى” وارسو “بالخيانة” واتخذها خطوات لا تخدم إلا موسكو رغم تأييدها العلنى لأوكرانيا، وهو الأمر الذى أثار غضب بولندا، وتطور الأزمة الدبلوماسية إلى حد استدعاء البلدان السفراء.

ثانيًا: إعلان وقف تسليح أوكرانيا

على خلاف أزمة الحبوب بين وارسو وكييف، أعلن رئيس الوزراء البولندى “ماتيوش مورافيتسكى” وقف تسليح أوكرانيا، وذلك لعزمه بتسليح بولندا بأسلحة أكثر حداثة، وبالتالى سيتم تنفيذ فقط الاتفاقات التى تم إبرامها بشأن التسليح والذخيرة، بما فى ذلك تلك الناتجة عن عقود موقّعة مع أوكرانيا.

ويمكننا تفسير تلك السياسات من خلال إلقاء النظر على الانتخابات التشريعية البولندية التى من المقرر عقدها فى 15 أكتوبر الجارى، إذ تصاعدت الأصوات المعارضة للدعم الموجه لكييف من الداخل البولندى، باعتباره هدر للموارد ويؤثر على الاقتصاد البولندى الذى يعانى بالأساس، فضلًا عن إلقاء المزارعين اللوم فى عدم استقرار الأسواق على استيراد الحكومة الحبوب من كييف.

ومع تقدم حزب “القانون والعدالة” فى استطلاعات الرأى لكن بهامش ضيق عن منافسيه، بالتالى يسعى الحزب الحاكم إلى استقطاب أصوات المعارضين وحماية حقوق المزارعين لكسب تأييدهم فى الانتخابات، وبالتالى تسعى الحكومة لإظهار أنه أثناء دعمها أوكرانيا فهى تواجه التحديات الماثلة أمامها وتضع مطالب شعبها على رأس الأولويات، وهنا يتبادر إلى الأذهان تساؤل مهم، ألا وهو إذا ما تمت إعادة انتخاب حكومة حزب القانون والعدالة فهل ستستمر وتيرة التراجع عن دعم أوكرانيا باعتباره نهجًا سيتبناه الحزب أم هو مجرد أمر للدعاية الانتخابية؟

الـتـشـيـك: تصاعد الشكوك الداخلية

سارعت التشيك فى تقديم المساعدات العسكرية والمادية لأوكرانيا جراء الحرب، كما تستضيف على أراضيها ما يقرب من 2 مليون لاجئ أوكرانى، وتعهدت بتقديم تمويل إضافى لأوكرانيا، إلا أن التشيك تشهد مؤخرًا مقاومة فى الداخل جراء تلك السياسات، ففى شهر سبتمبر الماضى، اندلعت المظاهرات من آلاف الأشخاص فى شوارع العاصمة التشيكية (براغ)، مطالبين حكومة رئيس الوزراء اليمينى “بيتر فيالا” بالاستقالة لسبب رئيسى ألا وهو؛ إيلاء الحكومة اهتمام بكييف يفوق الاهتمام المقدم لشعبها، مع ضغط تلك المساعدات على الحالة الاقتصادية التى تشهد تدهور للأوضاع، وهو الأمر الذى يعد علامة مبكرة على نفاذ الصبر بعد أكثر من عام من الحرب الممتدة بين موسكو وكييف.

الـمـجـر: سيطرة التوترات بين البلدين

تباطأت بودابست مع بدء الحرب (الروسية – الأوكرانية) فى إدانة العدوان الروسى على كييف ووصفه بأنه مخالف للقانون الدولى، إلى جانب التأكيد المستمر على أن تلك الحرب لابد على الأطراف المعنية فقط من تسويتها فيما بينهم، وأن لروسيا تخوفات أمنية منطقية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، فضلًا عن الانضمام على مضدد للعقوبات الغربية التى تهدف لإعاقة قدرة روسيا على مواصلة الحرب وعزلها دوليًا، وتكرار انتقاده الشديد للعقوبات المفروضة على روسيا بل ورفض “أوربان” عبور المساعدات العسكرية لأوكرانيا عبر الأراضى المجرية.

تـبـعـات مـحـتملة

أولًا: تعثر مستوى الدعم الأمريكى لكييف

إن تزايد الانقسام بين الديمقراطيين والجمهوريين فى مجلس النواب، والإطاحة بكيفين مكارثى من منصبه وتراجع الرأى العام الأمريكى فيما يتعلق بالتمويل المقدم لكييف، ومن الجانب الآخر الدعم الأمريكى الحالى لإسرائيل فى حربها مع حماس -مع مخاوف من إطالة أمد الحرب وتعدد جبهاتها-، يبدو أن مستوى دعم واشنطن لكييف سيتعثر، ولكنه سيظل موجودًا بمستوى معين.

ثانيًا: اتساع الكتلة المعارضة لاستمرار دعم كييف

قد ينتج عن التوجه المعارض فى شرق أوروبا تقديم المزيد من المساعدات لكييف انضمام دولًا أوروبية أخرى مستقبلًا خاصة مع تردى الأوضاع الاقتصادية جراء تكبدهم عبء دعم كييف وتراجع الرأى العام فى بلادهم، وبالتالى إعادة ترتيب الحسابات الشخصية بما يحقق مصالح دولهم، مما قد يؤدى لزيادة الانقسامات داخل أوروبا خاصة مع حرص عدد من دول غرب أوروبا باستمرار تدفق الدعم لكييف، ناهيك عن احتمال حدوث خلاف مع بروكسل المتبنية نهجًا موحدًا فى التعاطى مع روسيا، وبالتالى فرض العقوبات على تلك الدول.

ثالثًا: انتصار معنوى لموسكو

تراهن روسيا منذ بدء الحرب فى أوكرانيا ليس على هزيمة كييف فقط، ولكن أيضًا تراهن على الغرب بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص فى وقف أو تقليص المساعدات السخية المقدمة لكييف، وبالتالى يشكل تراجع الدعم لكييف انتصار معنوى لروسيا.

وإجمالًا:

يمكننا القول إنه مع ارتفاع المؤشرات حول وجود نوع من التململ فى التحالف الغربى المساند لكييف، يترك أوكرانيا أمام احتمالات قائمة تتمثل فى تعثر مستوى الدعم المقدم لها، وإمكانية اتساع الكتلة المعارضة لدعمها، وسيكون من شأن تلك التطورات بالتأكيد إحداث انعكاساتها على ميزان القوى فى الصراع.

كلمات مفتاحية