ماذا وراء القرار الأمريكي ببناء ميناء على ساحل غزة؟

إعداد: ريهام محمد

أثار إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن خطة تدشين ممرٍّ بحريٍّ مُؤَقَّتٍ تحت مظلَّة نقْل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مخاوف وشكوك الكثيرين، من أن يكون خلف هذا الإجراء أهداف ونوايا أخرى، وهناك الكثير من التساؤلات حول آليات تنفيذه والأهداف الحقيقية الكامنة وراءه، ومدى فاعلية تلك الخطوة التي يستغرق تنفيذها وقتًا طويلًا، مقابل طُرُقٍ عِدَّة أقلّ تعقيدًا وأسرع في توصيل المساعدات الإنسانية للقطاع، بالضغط على إسرائيل لفتْح المعابر البرية، والسماح بمرور شاحنات النقل الحاملة للمساعدات الغذائية والأدوية والمياه، خصوصًا أنها تأتي وسط تفاقُم معاناة سكان القطاع؛ نتيجة المجاعة الناجمة عن الحصار المُطْبَق على غزة والعمليات العسكرية المتواصلة من الجانب الإسرائيلي، منذ أكثر من 155 يومًا؛ إذ كيف لإدارةٍ تُمْعِنُ في إمدادات السلاح اللامحدودة إلى “تل أبيب”، أن يتغير موقفها فجأةً لتُقرِّر فتْح ممرٍّ بحريٍّ للمساعدات.

تفاصيل الرصيف العائم

الجدير بالذكر، أنه حتى الآن، كان تدفُّق المساعدات الإنسانية للقطاع ضئيلًا جدًّا، مقارنةً بالاحتياجات الهائلة لـ 2.3 مليون فلسطيني، فكانت الطُّرُق البرية الوحيدة لوصول الإمدادات الإنسانية داخل غزة تقع في جنوب القطاع، في “رفح، وأبو سالم”، يمُرُّ عَبْرَه أقلّ من 100 شاحنة يوميًّا، غيْر أن عمليات التفتيش الإسرائيلية كانت ترفض العديد من الشاحنات المُحَمَّلة بالمساعدات؛ حال احتوائها على أيِّ عنصرٍ من قائمة طويلة من السلع المحظورة، بالإضافة إلى غياب التنسيق مع الجانب الإسرائيلي؛ حيث قام الجيش في منْع وصول قوافل مساعدات بعد حصولها على إذنٍ رسميٍّ بالوصول لنقاط التفتيش في شمال غزة؛ ما اضطرَّ بعض الدول، مثل “مصر، والأردن، وفرنسا، والولايات المتحدة” إلى اللجوء للإنزال الجوي للمساعدات، وفي ذلك نفَّذت طائرات نقْل عسكرية أمريكية بالاشتراك مع القوات الجوية الأردنية، عملية إسقاطٍ جويٍّ ثلاث مرات لمساعداتٍ غذائيةٍ على القطاع خلال أسبوع؛ ليصل إجمالي الحصص الغذائية التي تمَّ إسقاطها على الطريقة العسكرية الأمريكية إلى ما يقْرُب من 113 ألفًا، إلَّا أن كُلَّ عملية إسقاطٍ جويٍّ كانت تعادل – عادةً – حِفْنَةً من شاحنات الغذاء، ولا تقترب من تلبية احتياجات السكان الذين هم على حافَّة مجاعةٍ فِعْليّةٍ، وبذلك كانت طريقة غير عملية، ولم يكن هناك خيارًا لتجنُّب المجاعة، علاوةً على ما تحمله من مخاطر، فجاء إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، حول إنشاء ممرٍّ بحريٍّ لتوصيل المساعدات داخل القطاع، في الوقت ذاته الذي يسعى فيه إلى تهدئة الغضب بين الكثيرين في حزبه الديمقراطي، بشأن دعمه لإسرائيل في هجومها على غزة، منذ السابع من أكتوبر، والنظر إلى الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين في القطاع الفلسطيني.

وعليه؛ فقد أعلن “بايدن” يوم الخميس  ٧ مارس الجاري، خلال “خطاب الاتحاد”، أنه قد أصدر تعليمات للجيش الأمريكي لإنشاء “ميناء بحري” أو “رصيف مُؤَقَّت” على ساحل البحر المتوسط قُبَالَةَ شواطئ غزة، بالشراكة مع الدول ذات التفكير المماثل والشركاء الإنسانيين؛ بهدف نقْل المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وملاجئ مؤقتة إلى المدنيين في القطاع، وذلك في أعقاب تحذيرات الأمم المتحدة، من أن قطاع غزة الذي مزَّقته الحرب بات على شفا مجاعة واسعة النِّطَاق بين 2.3 مليون فلسطيني، بعد حصارٍ دَامَ خمسة أشهر، مُنْذُ شنّت إسرائيل هجومها على القطاع الضَّيِّق، ويتزامن الإعلان مع عودة دولة جنوب أفريقيا يوم الأربعاء إلى محكمة العدل الدولية في “لاهاي”؛ للمطالبة بإصدار أوامر طارئة؛ لوقْف إسرائيل ما وصفته بـ “الإبادة الجماعية بالتجويع” ضد المدنيين في القطاع، ونَفَتْ إسرائيل هذه التُّهْمة بشكلٍ قطْعيٍّ.

فيأتي قرار البيت الأبيض بتدشين الميناء بسبب الإحباط؛ ما اعتبرته واشنطن عرْقلةً إسرائيليةً لإيصال المساعدات بريًّا على نطاقٍ واسعٍ، والجدير بالذكر، أن غزة لا تتمتع ببِنْيَةٍ تحتيّةٍ للموانئ؛ لذلك تعتزم الولايات المتحدة في خطتها في البداية العمل مع قبرص، التي ستوفر عملية فحْص الشاحنات، بالتعاون مع مسؤولين إسرائيليين؛ ما يعني إلغاء الحاجة لأيِّ عمليات تفتيش أمنية في غزة، بتمكين من الجيش الأمريكي وتحالف من الشركاء، وتقع قبرص على بُعْد أكثر من ٢٠٠ ميل شمال غرب غزة، ولبريطانيا وجود عسكري كبير في الجزيرة، وفي ذلك أعلنت بريطانيا مباشرة عن مشاركتها في إجراءات شحْن المساعدات، وسيستغرق تنفيذ المخطط من 30 إلى 40 يومًا؛ ما يحمل في طيَّاته امتدادَ خطرِ تقديمِ قدْرٍ ضئيلٍ للغاية من الإغاثة للفلسطينيين، ووفقًا لتصريحات المسؤولين، فإن الرصيف المُؤَقَّت سيتمُّ بناؤه بواسطة المئات أو الآلاف من مهندسين عسكريين أمريكيين، يعملون على متْن سُفُنٍ عسكريةٍ قُبَالَةَ ساحل ميناء مدينة غزة القديم في منطقة “الرمال”، ولن يتطلَّبَ منهم النزول إلى الشاطئ لتركيب الجِسْر، بينما يمكنها بناء رصيفٍ عائمٍ من السفن البحرية؛ شريطة عدم وجود جنودٍ أمريكيين على الأرض داخل القطاع، وأوضح البيت الأبيض أن القوات الأمريكية المطلوبة لإتمام المهمة هناك، إما أنها موجودة بالفعل في المنطقة، أو ستبدأ في التحرُّك هناك قريبًا، وسيتم شحْن شحنات المساعدات من ميناء “لارنكا” في قبرص، والذي سيصبح مركز الإغاثة الرئيسي، وفْقًا لما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاجون)، ووفق تقديرات أوروبية، فإنه على الأرجح أن يتم نقْل ما يعادل 200 شاحنة فقط يوميًّا عبْر هذا الممر البحري.

ردود الفعل حول الاقتراح الأمريكي الجديد

من جانبها، أصدرت المفوضية الأوروبية مباشرة ودولة الإمارات وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا وجمهورية قبرص والمملكة المتحدة؛ بيانًا مشتركًا، تضمن تأييدها للولايات المتحدة، بتفعيل الممر البحري الدولي؛ لتوصيل المساعدات مباشرةً إلى قطاع غزة، كما وافقت قطر أيضًا على تمويلٍ لدعم استخدام السفن التجارية لنقل المساعدات إلى غزة.

وبالرغم من تعليق الأمم المتحدة مباشرةً على الإعلان، باعتبار العمل على إيجاد أيِّ طريقةٍ لتعزيز وصول المساعدات “أمر جيِّد بلا شك”، إلا أنها أكَّدت على أن التركيز الدولي يجب أن ينصبَّ على دخول المساعدات برًّا للقطاع، وتوزيعها على نطاقٍ واسعٍ، وبدوره اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، “رمزي رباح”، أن هذا المقترح يندرج تحت “مظلَّة الخداع والتضليل العالمي”، واعتبره  بمثابة تسليمٍ بالحصار والصيغة الإسرائيلية.

ولم تكن إسرائيل بعيدةً عن هذه الترتيبات، فقد كشفت التصريحات عن تأييد “تل أبيب” لإقامة رصيفٍ عائمٍ مُؤَقَّتٍ لإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، كالذي أشار إليه “بايدن”، وبحسب التصريحات، فإن هذه المبادرة قد تمَّ بحْثُها في الماضي بين “إسرائيل، والولايات المتحدة”، والاتفاق على التنسيق بينهما في تنفيذها، ويشير تأييد الجانب الإسرائيلي لهذا المقترح، إلى تحقُّق مصلحتها منه، وبخاصَّةٍ أن هذا الممر سيُشكِّلُ بديلًا لمعبر رفح، الذي تعتبره إسرائيل المدخل الرئيسي لأسلحة “حماس”.

وعن حركة “حماس”، فلم يصدر عنها أيّ موقفٍ بهذا الصدد حتى اللحظة الراهنة، سوى تصريحات للقيادي “محمد نزال”، اعتبر فيه الممرّ يحمل تناقضات ليست مفهومة وغيْر مُبرَّرة، وأن المقترح لا يزال غامضًا، ويحمل الكثير من التساؤلات، لكنه أضاف في الوقت نفسه، أن “حماس” سبق أن طلبت تشييد ممرٍّ بحريٍّ من وإلى غزة؛ لتلافِي المشكلات التي حدثت على المعابر، إلَّا أن المقترح كان يتم رفضه دائمًا.

وفي يوم الأحد ١٠ مارس الجاري، أعلنت الولايات المتحدة، عن إرسال أول  سفينة دعْمٍ لوجستي “الجنرال فرانك إس بيسون” التابعة للجيش الأمريكي إلى شرق البحر الأبيض المتوسط؛ من أجل تقديم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بحرًا، وقالت القيادة المركزية الأمريكية في بيانٍ: إن السفينة قد غادرت قاعدة “لانجلي-يوستيس” المشتركة في ولاية فرجينيا، بعد أقل من 36 ساعة من إعلان “بايدن” أن واشنطن ستقدم مساعدات إنسانية لغزة عن طريق البحر، وفي سياقٍ متصلٍ، لا تزال سفينة المساعدات الإسبانية “أوبن آرمز” تنتظر الحصول على تصريحٍ للإبحار من ميناء “لارنكا” القبرصي باتجاه غزة، وستكون هذه أوَّل شُحْنةٍ تُنقل إلى غزة عبْر الممرِّ البحريِّ من قبرص، العضو الأقرب في الاتحاد الأوروبي.

أهداف واشنطن من إنشاء ممرٍّ بحريٍّ على ساحل غزة

الأهداف المعلنة:

أظهر المقترح الذي قدَّمه الرئيس “بايدن” حجم المفارقة في تصريحه، ليلة الجمعة ٧ مارس الجاري؛ حيث أكَّد في الكونجرس على الجانب الإنساني من ذلك المخطط، هو إيصال المساعدات الإغاثية إلى القطاع المُحَاصَر، وإنشاء مستشفيات عائمة لعلاج جرحى الحرب، مشيرًا إلى أنه لن تكون هناك قوات أمريكية على الأرض، وسط مواصلة دعْم بلاده لدولة الاحتلال، وعليه؛ فهذا المقترح لا يتناسب مع الغرض المعلن للإدارة الأمريكية، فهو لن يحلّ مشكلة وصول الغذاء للجياع المحاصرين في غزة، ما لم يتوقف إطلاق النار على القطاع، ولا يضمن عدم تعرُّض قوافل المساعدات لاعتداءات الجانب الإسرائيلي، فضلًا عن استهداف المدنيين ممن يتلقوْن هذه المعونات، كما حدث عند دوار “النابلسي”، كما أنه سيستغرق وقتًا طويلًا لتشييده، ولا يتحمل الجائعين مزيدًا من الانتظار ريثما يُنْجَز المشروع؛ الأمر الذي يؤكد على وجود نوايا أمريكية أخرى خلف هذا المخطط؛ لكونه لا يُشكِّلُ حلًّا جِذْريًّا للأزمة الإنسانية، فهو لن يوفر نصف الحاجة اليومية للقطاع، في مقابل طُرُقٍ عِدَّة أقل تعقيدًا وأسرع في توصيل المساعدات الإنسانية للقطاع، بالضغط على إسرائيل لفتح المعابر البرية، والسماح بمرور شاحنات النقل الحاملة للمساعدات الغذائية والأدوية والمياه، وممارسة الضغط الكافي على “تل أبيب” لإدخال المساعدات برًّا بالقدْر المناسب.

الأهداف الخفية:

على الجانب الآخر،  يعكس هذا المقترح – ربما –  خشية واشنطن من تداعيات تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع؛ لما لذلك من تأثيرٍ مُحْتَملٍ على مصالحها ووزنها في المنطقة وحول العالم، فعلى المستوى الاستراتيجي: كان ملف حقوق الإنسان يعتبر الأداة الأساسية لعمل السياسة الخارجية الأمريكية، والمُبرِّر الرئيسي للعقوبات الاقتصادية والتدخُّلات العسكرية ضد العديد من الدول، فهي – الآن – تخشى من أثر تواطُئها مع جرائم الحرب في غزة على فعالية هذه الأداة الاستراتيجية في سياستها مستقبلًا، وخصوصًا في صراعها مع القُوَى المنافسة لها كالصين.

ويؤكد المقترح أيضًا على جانبٍ آخر للميناء العائم، يرتبط بتنفيذ مخطط التهجير الذي فشل بريًّا، من خلال تصدِّي مصر له، ومنعت هجرة الشعب الفلسطيني، وحشدت لهذا كل الدعم الدولي، ومن ثمَّ تجديد محاولة تشجيع هجرة الفلسطينيين طوعًا من هذا الميناء إلى قبرص ودول أوروبا، وإلغاء أيِّ دورٍ لمعبر رفح على الحدود المصرية، كما تبدو الخطوة أيضًا كضغطٍ على مصر، عبْر التقليل من أهمية المعبر، فعلى الرغم من كافَّةِ العقبات التي يواجهها القطاع في قضية معبر رفح، إلَّا أنه في النهاية يظلُّ معبرًا عربيًّا فلسطينيًّا وليس غربيًّا أمريكيًّا.

فضلًا عن ذلك، يتعرض “بايدن” وإدارته لانتقاداتٍ حادَّةٍ؛ لفشل دعوات الوقْف الكامل لإطلاق النار، ولتحرُّكه ببُطْءٍ شديدٍ لحلِّ الكارثة الإنسانية في غزة، بالتالي يُمثِّلُ هذا المخطط أداةً لامتصاص الغضب في الداخل الأمريكي وأداةً للدعاية الانتخابية موجهَّة للشرائح الغاضبة من الشعب الأمريكي، ومحاولة لكسْب وُدِّ تلك الشرائح، كـ”الشباب، والأقليات العربية والمسلمة، والليبراليين التقدميين” قُبَيْل الانتخابات الرئاسية، فضلًا عن محاولة تبييض صفحته وصورته التي تلطَّخت بدماء الأطفال والمدنيين العُزَّل بالسلاح الأمريكي، جرَّاء الحرب داخل القطاع.

كما أنها تُمثِّلُ أداةً يُرَادُ بها الالتفاف حول أيِّ أُطُرٍ وطنيةٍ محليةٍ يُمْكِنُ أن تُشرع بإدارة المشهد الإغاثي في المنطقة؛ أي ما يعكس المحاولة في إلغاء دور الحكومة والمؤسسات الوطنية الإدارية في غزة، وهو ما يدخل في سياق إعادة رسْم مستقبل القطاع، بتدخُّلٍ أمريكيٍّ مباشرٍ تحت مظلَّة الإغاثة، فلو كان الهدف الأساسي للإدارة الأمريكية فعليًّا هو إيصال المساعدات للفلسطينيين، وترفض حقًا موتهم جوعًا، لكان الأوْلى أن تُوقِفَ دعْم إسرائيل بالسلاح، وأن تُلْزِمَ الجانب الإسرائيلي ومصر بفتْح معبريْ “رفح، وأبو سالم” وغيرها من المعابر البرية، التي تُمثِّلُ الحلَّ الجذري والسريع لإنقاذ الأطفال والمدنيين العُزَّل داخل القطاع.

ختامًا:

تشير الشواهد مؤخرًا إلى مدى تزايد إحباط “بايدن” من تحدِّي “نتنياهو” لمناشداته في بذْل المزيد من الجهْد لحماية المدنيين داخل القطاع، لكنه في الوقت نفسه، لا يزال يعارض وقْف إمداد إسرائيل بالذخائر والأسلحة؛ الأمر الذي وضع واشنطن موضع شكٍّ ونقْضٍ إزاءَ قراراتها الإدارية للحرب، وإثارة الشكوك مؤخرًا حول نواياها الخفيّة من وراء عزْمها على إنشاء ميناء قُبَالَةَ ساحل غزة، وخصوصًا أن استطلاعات الرأي الحالية حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية ليست مُوَاتيةً أبدًا بالنسبة لـ”بايدن”، الذي يحتاج بشكلٍ خاصٍّ لمزيدٍ من الدَّعْم بين فئة الشباب الأمريكي المعارض بشدة لسياسته تجاه إسرائيل، وتكْمُنُ خطوة تشييد الميناء البحري  في كونها واحدة من خطوات استعادتهم؛ الأمر الذي يجعل هذه الإعلانات والإجراءات لا تتخطَّى كوْنها عملية علاقات عامة، بالرجوع إلى مواصلة الإدارة الأمريكية بلا توقُّفٍ في توفير المال والأسلحة لإسرائيل، كما يُظهر المدى الذي أجبر الرئيس “بايدن” على الذهاب إليه لتجنُّب ممارسة ضغطٍ حقيقيٍّ على “تل أبيب”، فمن الغريب أن تلجأ واشنطن لمِثْل هذه الطُّرُق لتقديم المساعدات، والتي عادةً ما يتمُّ حجزها كملاذٍ أخيرٍ في التعامُل مع الدول الخصوم، وليس مع الحلفاء مثل إسرائيل، وإنما هو انعكاسٌ آخر على قدرة “تل أبيب” في الإفلات من العقاب، وعدم اتخاذ إدارة “بايدن” أيّ إجراءاتٍ لمحاسبتها على أفعالها، ومن المُسْتَبْعد – أيضًا – أن تُقْدِمَ واشنطن على طرْح هذا المخطط دون التنسيق المُسْبَق مع إسرائيل، وفي حال جديّة الوضع، فإن إسرائيل لن تجْرُؤَ على إفساد خطط “بايدن”، لكن ستُصِرُّ “تل أبيب” على نوْعٍ من الفحوصات الأمنية؛ لعرْقلة العملية؛ تحت ذريعة منْع تهريب الأسلحة إلى “حماس”.

المراجع:

اماني ابراهبم، “ممر للمساعدات من قبرص إلى غزة.. إسرائيل ترحب بشروط وسياسي فلسطيني يحذر”، المصري اليوم، ٨ مارس ٢٠٢٤. https://www.almasryalyoum.com/news/details/3117954#google_vignette

Jonathan Landay and Steve Holland, “US to build temporary port to deliver Gaza aid”, Reuters News, March 8, 2024. https://www.reuters.com/world/us/biden-announce-gaza-aid-port-construction-state-union-speech-2024-03-07/

كلمات مفتاحية